لماذا الله؟
يقول ول ديورانت في كتابه قصة الحضارة م1 ص 99: ” ولا يزال الاعتقاد القديم بأن الدين ظاهرة تعم البشر جميعًا اعتقادًا سليمًا، وهذه في رأي الفيلسوف حقيقة من الحقائق التاريخية والنفسية”.
في المقابل يدعي بعض الناس اليوم أن الإنسان المعاصر قد وصل إلى قدر كبير من العلم والتقدم فلم يعد بحاجة للارشاد والدلالة والتوجيه الخارجي، فهو يستطيع تفسير كل ما حوله من الظواهر الطبيعية.
وأن الشعوب في التاريخ القديم لجؤوا للعبادة لأنهم لم يدركوا أسباب الأشياء ففسروا ذلك بالقوة الخارقة الخارجة عنهم فعبدوها وتقربوا لها.
السؤال الذي لا يهدأ
والحقيقة أن هناك سبب آخر دعاهم إلى ذلك ليس هو جهلهم تفسير الظواهر الطبيعية ولكنه لماذا ؟ و ماذا بعد؟
فقد استمرت البشرية طوال تاريخها تسأل عن معنى الوجود وسببه لماذا نحن هنا؟ وهل يعقل أن الأمر سينتهي إلى ذرات تتحلل بمجرد الموت، ولا شيء بعد ذلك؟ وإن كان الأمر كذلك فما معنى الحياة؟ وما المرجع في الصواب والخطأ؟ والخير والشر؟ ولماذا الصدق مثلاً أفضل من الكذب؟
وبقيت هذه الأسئلة ومثيلاتها تلح على العقل البشري بصورة متكررة تقاوم وتراوغ المحاولات الحثيثة للهرب والتخلص منها، حتى عرَّف شوبنهاور أحد أهم الفلاسفة (الملاحدة) الإنسان بأنه «حيوان ميتافيزيقي»، فهذا أحد أخص صفات الإنسان فهو لا ينفك عن السؤال عن معنى الوجود، تشده فطرته وتكوين عقله إلى السماء للسؤال لماذا؟ وماذا بعد ذلك؟
وبدل أن تحاول الحضارة المعاصرة ومنتجاتها المتطورة وأدواتها المتقدمة الجواب على سؤال المعنى والغاية ومواجهة الحقيقة فإنها للأسف تهرب من سؤال معنى الوجود إلى سؤال كيف نسيطر على الوجود بالتقنية والأسلحة والقوة؟ أو كيف نلتذ ونستمتع به بأقصى درجة ممكنة بوسائل الترفيه والمتعة المبتكرة والمبدعة؟ ولكن السؤال يطل برأسه من جديد كلما وجد فرصة سانحة.
الله في إيمان المسلمين:
الله عند المسلمين هو الكلمة الدالة على الرب الخالق المالك المتصرف في الأمور، وتعني في أصلها اللغوي عند العرب: المعبود الذي تتوجه له القلوب والعقول والأبدان بالعبادة والحب والخضوع والخوف والرجاء.
ولله عند المسلمين أكثر من تسعة وتسعين اسماً هي أحسن الأسماء ولها أعظم الدلالات فهي تدل على كماله وقدرته وملكه ورحمته، ومن ذلك:
أن له الحياة الكاملة التي لم تسبق بعدم ولا يلحقها فناء فمن أسمائه الأول والآخر.
أنه خالق الأكوان والموجودات جميعاً ومنشئها من العدم والمالك والمتصرف فيها فيسيرها وفق أسباب طبيعية يمكن لنا فهمها ودراستها واكتشافها وليس عبر المعجزات فقط.
أنه الذي أتقن كل شيء خلقه من أصغر الكائنات المجهرية إلى أعظم الأفلاك الفضائية وأولاها عنايته لتستقيم فيها الحياة.
أنه الرحيم بعباده جميعاً وأن رحمته سبقت غضبه ومن رحمته أن بعث الرسل وأنزل الكتب لهداية الناس وإرشادهم.
أنه خلقنا في هذه الدنيا وأعطانا العقل والإدراك والحواس ليختبرنا في أعمالنا ونياتنا وتوجهاتنا عبر حوادث الحياة وما فيها من السراء والضراء ليجازي الناس بما يستحقون يوم القيامة.
أنه الواحد الذي لا ثاني له ولا مثيل لذاته ولا في صفاته وقوته وفي استحقاقه للعبادة، وأنه منزه عن كل نقص ومنزه أن يكون له زوجة أو ولد أو مشابه.
وقد أكثر القرآن الحديث عن الله وأسمائه وصفاته وآثارها في حياة الناس، وأخبر أن عقل الإنسان وقلبه سيتوجه إليه اضطراراً ويحس بوجوده في بعض لحظات الضعف والتأمل مهما حاول المكابرة..
فهل أحسست مرة بالحنين إلى السماء؟
يقول المؤرخ الإغريقي بلوتارك:
قد نجد مدنًا بلا أسوار أو بدون ملوك أو حضارة، أو مسرح، ولكن لم يرَ إنسان مدينة بدون أماكن للعبادة والعُبَّاد”.
Plutarch,s Morals, ed. William W.Goodwin (Boston: Little, Brown, & Co.,1883)
Double sided A4 color copy paper.
Paper Size: 80-100g
Reviews
There are no reviews yet.